فبالإضافة إلى الحراك الثقافي الذي ميز سنة 2022 ، والذي حفل بأحداث وفعاليات بارزة جعلت من الامارات ،قبلة للكتاب والمثقفين والمبدعين من مختلف بقاع العالم ،ومن ضمن هذه الاحداث على سبيل المثال لا الحصر، معرض الشارقة الدولي للكتاب، والقمة الثقافية لأبوظبي، وأسبوع دبي للتصميم، وغيرها من المهرجانات الثقافية، ازدحمت أجندة مختلف إمارات البلاد، وخاصة إمارتي أبوظبي ودبي، بملتقيات رياضية وعلمية، ودينية، استقطبت اهتمام وأنظار العالم.
ولعل من أهم التظاهرات الدولية التي شهدتها دولة الامارات خلال هذه السنة، معرض إكسبو دبي 2020 ، الذي انطلق في أكتوبر 2021 واستمر حتى نهاية مارس 2022 ، وهو الحدث البارز الذي دشنت به البلاد مرحلتها نحو بداية الخروج والتعافي من أزمة كوفيد 19 ، وكانت له آثار إيجابية على اقتصادها الذي استعاد قوته ، معانقا مستويات ما قبل الجائحة.
ولا شك أن هذا الحدث العالمي الضخم ، الذي ستستمر آثاره الايجابية لعقود، شكل رافعة قوية للاقتصاد الاماراتي، وساهم بشكل فاعل لا جدال فيه في إعادة عجلته سريعا الى الدوران، حيث استقطبت الدولة استثمارات عالمية ضخمة، وشركات من مختلف أنحاء المعمور، واستطاعت بناء شراكات استراتيجية مع الاقتصادات الكبرى خاصة مع قارتي آسيا وإفريقيا.
وساهمت هذه التظاهرة العالمية التي شاركت فيها نحو 192 دولة في توفير محفزات جديدة للأعمال، وتخفيف القيود على السفر، وارتفاع أسعار النفط، كما شهد اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي في الامارات تحسنا متسارعا ،حيث انتعش الطلب وسجلت الشركات زيادة في الطلبات الجديدة، مما فتح أمامها آفاقا واعدة، فضلا عن إعطائه زخماً كبيرا للقطاع المالي في البلاد بفضل تدفقات رؤوس الأموال، وزيادة هامة في الأنشطة التجارية بفضل توافد ملايين الزوار.
إلى ذلك تميزت السنة التي نودعها باتخاذ الامارات العديد من المبادرات ،ووضعها لبرامج مستقبلية ، إذ بالإضافة الى مشاريع الخمسين عاما المقبلة ، التي تؤسس ،من ضمن أمور أخرى، لمرحلة متقدمة من النمو الداخلي وجذب الاستثمارات الخارجية، ما يجعلها مقصدا استثماريا أساسيا لتدفق رؤوس الأموال الأجنبية في قطاعات السياحة والصناعة والنقل والطاقة المتجددة، وغيرها قررت هذه الدولة الخليجية الغنية بالنفط، استكشاف الفضاء، حيث أعلنت خلال العام 2022 عن اختيار رجل الفضاء الإماراتي ،سلطان النيادي ،أول رائد فضاء عربي سيقضي ستة أشهر في محطة الفضاء الدولية لأداء مهمة من المقرر إطلاقها في النصف الأول من العام 2023 من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا بالولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يعزز مكانة الإمارات ضمن الدول التي شاركت في المهمات الطويلة الأمد في الفضاء لتصبح في المرتبة الحادية عشرة بين الدول.
من ناحية أخرى ، وضمن جهودها في مكافحة التغيرات المناخية، تستعد دولة الامارات العربية المتحدة لاحتضان مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 28 ) المقرر تنظيمه بمدينة "إكسبو دبي" ما بين 6 و17 نونبر المقبل، وهو المؤتمر الذي يراهن على دفع التقدم في جهود مكافحة التغير المناخي، وتعزيز العمل الدولي في هذا الاطار.
ومما لا شك فيه أن احتضان الامارات لهذا الحدث الدولي الهام ، يعتبر بمثابة اعتراف بجهود هذا البلد في التصدي لانعكاسات التغير المناخي، والذي توجها بمبادرته الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي في افق 2050 ، وهو ما جعل منها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعلن عن هذا الهدف.
ويبقى الحدث الأبرز الذي ميز الامارات سنة 2022 بدون منازع، انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيسا للدولة في الرابع عشر من ماي المنصرم ،بعد وفاة شقيقه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، مدشنا بذلك مرحلة جديدة في حياة هذا البلد الخليجي ، تقوم أساسا على تنويع اقتصاده وتسريع جهود تنميته، وتحقيق أفضل مؤشراته، فضلا عن تعهده بمواصلة دعم السلم والحوار ومد جسور الشراكة مع بلدان العالم.
ضمن هذا السياق أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمة بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني ال51 (2 دجنبر) أن نهج دولة الإمارات الراسخ في البناء والتطوير وتعزيز المكتسبات والارتقاء بالطموحات سيستمر من أجل تحقيق انطلاقه تنموية كبرى ونوعية في كل الجوانب من خلال التركيز على مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة واستثمار الفرص التي تتيحها هذه المجالات لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية.
وقال إن العنوان الأساسي للمرحلة المقبلة سيكون مضاعفة الجهد والعطاء وإعلاء قيمة العمل والكفاءة والتفاني في أداء الواجب، مشددا على أن المرحلة المقبلة ستمكون مرحلة عمل ومثابرة وإنجاز وتنافس ولا مجال فيها للتهاون أو التراخي.
وتحدو دولة الامارات في ظل قيادتها الجديدة طموحات واسعة ضمن رؤى استراتيجية واضحة، وخريطة طريق لتحقيق إنجازات نوعية شاملة في شتى القطاعات الحيوية بما يكفل تعزيز ازدهارها ، وضمان مستقبل شعبها.