ومن المؤكد أن هذه القدرة على الصمود ليست وليدة الصدفة، بقدر ما هي نتاج مسعى "حكيم" و"براغماتي"، أرسى معالمه، من البداية، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل التصدي لهذا الوباء غير المرئي والذي لا يمكن التنبؤ به، والذي دمر اقتصادات، كانت تفتخر، إلى وقت قريب، بأنها "متينة" و"صامدة".
ومكن النجاح الكبير لعملية التلقيح بالمغرب، ووقعها الايجابي الجلي على الصعيد الوطني، والجهوي، بل وحتى المحلي، جهة مراكش- آسفي من الصمود، والتي أبانت عن عبقريتها في توقع سيناريوهات للخروج من الأزمة ومن إقلاع اقتصادها مجددا، وذلك بفضل تضافر جهود العديد من المتدخلين، ممثلين في القطاعات الوزارية، وولاية الجهة، والمركز الجهوي للاستثمار، والهيئات المنتخبة، والفاعلين الخواص، وكذا الفاعلين في المجتمع المدني.
ويعزى الصمود الذي أبان عنه اقتصاد جهة مراكش – آسفي، فضلا عن ذلك، إلى العديد من النقط الايجابية، التي تتمتع بها، ومنها، على الخصوص، موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ومؤهلاتها الطبيعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية والتاريخية المتنوعة.
وبلغة الأرقام، تحتل الجهة، بحصة سوق تصل إلى 11 بالمئة، المرتبة الثالثة، من حيث عدد الملفات الممولة من قبل البنوك، كما يستحوذ قطاع التجارة والتوزيع على نسبة 28 بالمئة من المشاريع الممولة، مما يبرهن على الدينامية التي يعرفها هذا الحيز من التراب الوطني.
ومن أجل إدامة، وتجسيد هذه التوجهات على أرض الواقع، اجتمع المركز الجهوي للاستثمار، يوم 21 أكتوبر الماضي، في دورة عادية، بمراكش، ترأسها والي جهة مراكش – آسفي، السيد كريم قسي لحلو، قصد تقديم حصيلته واقتراح مخطط عمله برسم سنة 2022، حيث انكبت الدورة على محاور رئيسية همت دعم دينامية ريادة الأعمال، وتحسين العرض، وكذا النهوض بالاستثمارات على الصعيد الجهوي.
وبحسب مدير المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي، السيد ياسين المسفر، فإن المركز يعتزم مواصلة وتعزيز المبادرات للنهوض بالاستثمار في الجهة، عبر تحسين استقبال وتوجيه المستثمرين، وتسهيل الحصول على الوثائق والمساطر الإدارية، ومواكبة المستثمرين والمقاولين، والتسويق والترويج الترابي، في إطار العديد من البرامج.
وعلى سبيل المثال، صادقت اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار لجهة مراكش -آسفي ، خلال اجتماعها في شهر نونبر الماضي، بمراكش، تحت رئاسة السيد قسي لحلو، على خمسة مشاريع كبرى مهيكلة، باستثمارات قدرها 97ر8 ملايير درهم، والتي تأتي لتنضاف إلى استثمارات بقيمة 96ر12 مليار درهم، تمت المصادقة عليها إلى غاية متم شهر شتنبر 2021، موزعة على عمالة مراكش، والأقاليم التابعة للجهة.
وجدير بالذكر أن اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار لجهة مراكش – آسفي، عقدت منذ مطلع السنة الجارية 52 اجتماعا، شكلت مناسبة لتدارس 128 ملفا من أصل 218 كان قد صادق عليها مسبقا المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي، كما بتت، برأي إيجابي أو مشروط، لفائدة 87 مشروعا، ينتظر أن توفر ما يقارب 25 ألف منصب شغل.
ودائما في سياق هذا المنحى الذي يسير باتجاه الارتفاع، تم إحداث 6137 مقاولة إلى غاية متم شهر أكتوبر 2021 (+ 50 بالمئة)، بالمقارنة مع نهاية شهر شتنبر 2020، حيث كانت حصة الأسد من نصيب عمالة مراكش (80 بالمئة)، متبوعة بإقليم آسفي (14 بالمئة)، يليه إقليم الحوز (6 بالمئة)، بحسب ما كشفت عنه معطيات للمركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي.
ومن أجل مواكبة المقاولين والشباب حاملي المشاريع، قام المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي بسلسلة من المبادرات المبتكرة، على غرار "CRI Boost Lab"، وCRI Speed Banking ، التي نظمت يوم 26 شتنبر الماضي، تمثلت حصيلته في مواكبة 425 مشروعا، وربط 237 مشروعا مع هياكل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والبنوك، و72 مشروعا استفادت من أيام التمويل التي ينظمها المركز، بغرض تمويل مشاريعهم.
وفي السياق ذاته، نظم المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي، يومي 11 و12 نونبر 2021، الدورة الأولى للمعرض الافتراضي لريادة الأعمال والمقاولة الصغرى، والذي استقطب 10 آلاف و189 زائرا، و61 عارضا، و7 ماستر كلاس، و7 ورشات تكوينية.
وفي إطار النهوض ببرنامج الإدماج الاقتصادي للشباب، الذي يتولى المركز الجهوي للاستثمار مهمة تنسيقه، يعمل المركز بشكل دؤوب لإخراج 8 مراكز لدعم ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية المحلية إلى حيز الوجود، بواقع مركز لكل إقليم، وواحد بعمالة مراكش.
وفي ما يتعلق بالجاذبية الترابية، كما هو الشأن بالنسبة للمبادرات الترويجية التي يقوم بها المركز، هناك "القرية"، وهي حاضنة لريادة الأعمال في العالم القروي. ويتعلق الأمر ببرنامج واقعي يبث عبر الويب، ويرمي إلى التعريف بريادة الأعمال في العالم القروي، رهاناته والصعوبات التي يواجهها.
كما أطلق المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش آسفي، في شهر يونيو 2021، عبر الانترنت، منصة رقمية في خدمة الاستثمار في الجهة، تحمل اسم "مراكش إنفست"، تهدف إلى تسليط الضوء على الجهة، عبر تمكين كل مستثمر من الوصول إلى المعلومات حول الجهة، وإلى فرص ومساطر الاستثمار، من خلال وضع محتوى غني ومتنوع رهن إشارته.
وأطلق المركز أيضا، على شكل كبسولة مدتها دقيقة واحدة، شريط فيديو ترويجي، تحت عنوان "مراكش – آسفي: أرض الفرص"، والذي يقدم الحجج الدامغة التي تشجع على الاستثمار في هذا الجزء من التراب الوطني، مع التركيز على الأماكن الرئيسية والفرص التي تتيحها.
وعلى صعيد متصل، أطلق المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش – آسفي "أسبوع مراكش للاستثمار"، وهو تظاهرة موجهة للترويج للاستثمار والمؤهلات الكبيرة التي تزخر بها الجهة، وكذا "CRI Meeting Days" ، في شهر مارس الماضي، وهو ندوة عبر التناظر المرئي، تهدف إلى جمع خبراء لمناقشة مواضيع تهم المستثمرين والمقاولين بالجهة.
ونظم المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش – آسفي، في 22 ماي 2021، يوما موجها لاقتراح مشاريع بمنطقة سيدي كاوكي (الصويرة)، والذي شكل مناسبة لإبراز فرص الاستثمار في هذه القرية الايكولوجية- السياحية.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إرساء هذا العمل بعد عمل شاق من التخطيط والذكاء الجماعي، قصد تحديد الرؤية الخاصة بالمنطقة وفرص الاستثمار التي يمكن أن توفرها، في أفق المساعدة في مراجعة المخطط ودفتر التحملات قبل إطلاق طلب ابداء الاهتمام بمشاريع تستجيب لروح ولرؤية هذه القرية، التي اختيرت، الأسبوع الماضي، من بين أفضل القرى السياحية في العالم، من قبل المنظمة العالمية للسياحة.
وقام المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش – آسفي، من أجل مواكبة المستثمرين والسياسات العمومية، بوضع جهاز لليقظة، بهاجس تحقيق العديد من الأهداف، تتمثل في وضع رهن إشارة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين الآخرين، تحاليل ذات الصلة، تمكن من رؤية أفضل واتخاذ القرار الأمثل، وتحسين مقاربة جمع المعلومات وتقييمها، وتركيز نظام لتكنولوجيا المعلومات، يسمح بجمع البيانات الكبرى بشكل آلي.
ويوجد المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش – آسفي، في المرحلة النهائية لإحداث آلية تحمل اسم "تحليلات المركز الجهوي للاستثمار"، وهو عبارة عن باروميتر يتناول مجموع مؤشرات ومعطيات الجهة، في أفق السماح بتفحص المعطيات، وإنجاز تحاليل قطاعية، وجغرافية ومقارنة.