وأمام هذا الواقع، انصب اهتمام المجتمع الدولي، خلال مناقشات الدورة ال76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خلال شهر شتنبر الماضي، أساسا، حول الآليات الكفيلة برفع هذه التحديات، بهدف تجنيب الإنسانية جمعاء عواقب تقاعسها الوخيمة، والوعود "الجوفاء".
ولم يتوان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن التحذير من "أعظم سيل أزمات عرفتها البشرية"، مسلطا الضوء على التفاوتات "الصارخة" التي ازدادت تفاقما بسبب الوباء العالمي، وأزمة المناخ "التي ألقت بظلالها على كوكب الأرض".
وفي هذا السياق، أشاد السيد غوتيريش بـ"انتصار" العلم وب"النبوغ" الإنساني الذي تم من حلاله تطوير لقاحات مضادة ل(كوفيد-19) في ظرف وجيز، مبديا، في الآن ذاته، انزعاجه من عدم تكافؤ فرص الحصول على هذه اللقاحات.
وعبر الأمين العام الأممي عن أسفه من أنه "تم تلقيح معظم السكان في البلدان الغنية، فيما لا يزال أكثر من 90 في المائة من الأفارقة لم يتلقوا الجرعة الأولى بعد".
ويرى السيد غوتيريش أن "تلقيح الجميع يمثل أولوية كبرى للتصدي لفيروس سريع الانتشار كالنار في الهشيم".
وقال "من أجل ذلك ناشدنا الجميع باتخاذ كافة التدابير اللازمة، لضمان تلقيح 70 في المائة من سكان العالم بحلول منتصف العام المقبل. أعني بذلك تلقيح 70 في المائة بشكل عادل ومنصف، وليس تلقيح واحد في المائة هنا، و20 في المائة في مكان آخر".
من جهته، شدد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبد الله شاهد، على أنه "لمواجهة جائحة أودت بأرواح كثيرة، ودمرت اقتصاديات البلدان، بات من الضروري، حتى لا نقول بات أمرا حتميا، إعادة بناء المجتمعات وإنقاذ كوكبنا من الدمار".
ووفقا للسيد شاهد، فإن الأمر يتعلق بمساعدة اقتصاديات البلدان على "استعادة انتعاشها وبث روح الأمل فيها"، بغية التغلب على تداعيات أزمة صحية لم يشهد العالم لها مثيلا من قبل.
نفس الرأي أبدته أغلب وفود الدول الأعضاء في المنظمة متعددة الأطراف، التي تناولت الكلمة في هذا التجمع العالمي الكبير، من أجل دق ناقوس الخطر حول العديد من التحديات.
ويرى بعض المتدخلين أن الوباء الذي طال أمده قد "أتى" على سنوات من النمو في مجال التنمية البشرية، لا سيما في البلدان الإفريقية، ما جعلهم يشددون على ضرورة العمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بوصفها حصنا منيعا ضد أي تلاش للمكاسب.
ويرى الخبراء أن مجموعة التحديات "الوجودية" التي تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، وجهودا متضافرة، تشمل، كذلك، أزمة المناخ التي أضحت تهديدا "حقيقيا" لكوكب الأرض برمته.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أمام وفود الدول الأعضاء، "نرى علامات التحذير في كل قارة ومنطقة من مناطق المعمور، درجات حرارة حارقة، وخسائر رهيبة على مستوى التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء والماء والفضاءات الطبيعية، فضلا عن الوقوع المفاجئ لكوارث طبيعة بسبب انعكاسات التغيرات المناخية".
وأمام هذا "الخطر" الذي أضحى حقيقة، لم يغفل السيد غوتيريش التأكيد على ضرورة الوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها بموجب (اتفاق باريس) حول المناخ، والتقليل من انبعاثات الغاز بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة بيئية جسيمة.
إن حالة الطوارئ المناخية هذه، قد جعلت مجلس الأمن الدولي ينضم إلى الجهود الدولية، من خلال عقده لاجتماع تم التركيز فيه على دراسة انعكاسات التغير المناخي على الأمن العالمي.
ومما يدل على هذا الوعي الدولي بجسامة حجم الأزمة المناخية، الاجتماع الذي عقد في نيويورك قبل انعقاد قمة المناخ في غلاسكو باسكتلندا أوائل شهر نونبر الماضي.
وخلال هذا الاجتماع، انصب اهتمام المؤتمرين على الوفاء بالوعود الرامية إلى الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مائوية، كما ينص على ذلك (اتفاق باريس) لعام 2015.
ويرى كثير من المراقبين أن "المعركة" ضد فيروس كورونا المستجد، ومتحوراته الجديدة، وأزمة المناخ، لا تزال مستمرة، وستحتل الصدارة في المشهد الدولي، طالما أن العمل المشترك متضافر كي يتجسد على أرض الواقع.