وكان "بلد الألف تل" من أوائل الدول في إفريقيا التي فرضت حجرا صحيا شاملا على سكانها، تلته أزيد من سنة ونصف من الحظر الصارم للتجول. وقد كان للقرار الذي اتخذته الحكومة في مارس 2021 بتخفيف الإجراءات الاحترازية الصارمة، الأثر البالغ في الإنعاش السريع للنشاط الاقتصادي بعد تباطئ غير مسبوق.
وإلى جانب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها سلطات البلاد للحد من انتشار وباء كورونا، تم اعتماد حزمة من تدابير الدعم الرامية إلى مساعدة الشركات المتضررة بشدة من تداعيات الأزمة الصحية، لا سيما تلك العاملة في قطاعات الخدمات والسياحة والفندقة.
وفي هذا السياق، أوضح محافظ البنك المركزي الرواندي، جون روانغومبوا، أن "النمو القوي للاقتصاد الرواندي المرتقب في 2021 يعزى إلى اعتماد سياسة نقدية ملائمة" ، مشيرا إلى أنه تمت مراجعة توقعات النمو نحو الارتفاع إلى 10,2 في المائة بدلا من 5,1 في المائة التي كانت متوقعة في السابق.
ويمكن تفسير هذه التوقعات، التي أكدها صندوق النقد الدولي، بزيادة النفقات الحكومية الموجهة نحو الحد من الانعكاسات السوسيو-اقتصادية الناجمة عن الوباء.
وبهدف التخفيف من آثار الجائحة على اقتصاد البلاد، قامت الحكومة بإحداث صندوق لإنعاش الاقتصاد، واتخاذ تدابير تتعلق بتأجيل الاستحقاقات الخاصة بالقروض البنكية لفائدة الشركات المتضررة من الأزمة، فضلا عن إنشاء خطوط ائتمان إضافية، ودعم الأسر المعوزة، وكذا النهوض بفرص الشغل والاستثمارات في القطاع الخاص.
وأبرز صندوق النقد الدولي أنه في عام 2021، "كانت الاستجابة السياسية للسلطات الرواندية مُحكمة، ويتجلى ذلك في التوفير السريع للموارد المالية من أجل اقتناء اللقاحات، وزيادة الدعم المالي الموجه للأسر والشركات، إلى جانب توفير السيولة الكافية للنظام البنكي، بالنظر إلى طول مدة تفشي الجائحة".
وفي هذا الصدد، عقدت بعثة لصندوق النقد الدولي، مؤخرا، سلسلة من الاجتماعات الافتراضية، مع المسؤولين الروانديين قبل أن تخلص إلى أن "آفاق نمو الاقتصاد الرواندي في عام 2021 ستستفيد من الآثار الإيجابية للانتعاش العالمي، ومن تعاف مالي مدعم، ومن تواصل عملية التلقيح بوتيرة سريعة".
ووفقا لتقرير صادر عن وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، فقد قدم صندوق الإنعاش الاقتصادي، وهو إحدى الآليات الرئيسية التي وضعتها الحكومة بغية إنعاش الاقتصاد، دعما ماليا لحوالي 4000 مقاولة صغرى ومتوسطة.
وذكر التقرير أن أكثر من 140 مؤسسة فندقية، فضلا عن المدارس، ومشغلي النقل العمومي الرئيسيين، قد استفادوا من قروض أعيدت هيكلتها، مولها صندوق الإنعاش الاقتصادي.
وقد تجنبت كيغالي حتى الآن السيناريوهات الأسوأ للوباء، من خلال فرض إجراءات احترازية تعد من بين الأكثر صرامة وفعالية على الصعيد القاري، كما فرضت نظاما صارما بخصوص اختبارات كوفيد-19 وتتبع المخالطين.
وبخصوص التلقيح، شرعت رواندا في تنفيذ استراتيجية تدريجية لفائدة مواطنيها. وتم تطعيم سكان العاصمة بشكل شبه كامل، فيما تم تطعيم حوالي 26 في المائة من سكان هذا البلد البالغ تعدادهم 12,5 مليون نسمة.
وتسجل البلاد يوميا ومنذ عدة أسابيع، نحو 20 حالة إصابة جديدة بكوفيد-19 ، بينما لم يتجاوز عدد الوفيات عتبة ال 2000 منذ ظهور الوباء.
وتشير كل المؤشرات إلى أن 2022 سيكون عاما مفصليا بالنسبة لرواندا، مع توقعات بالحفاظ على انتعاش اقتصادي قوي ودائم، وكذا تعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة أي صدمة محتملة.
وفي غضون ذلك، أكد وزير الدولة المكلف بالخزينة الوطنية، ريتشارد توشاب، لدى تقديمه مشروع الميزانية برسم السنة المالية 2021/2022 أمام أنظار البرلمان، أن النفقات المتعلقة بميزانية السنة المالية الحالية ستركز بشكل أساسي على دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، والحماية الاجتماعية والصحة والتعليم والإنتاج الفلاحي.