وتستحوذ ، إن لم تكن تحتكر ، العدوتان ، لاسيما عاصمة المملكة ، على مجمل الأوراش المفتوحة بالجهة، تنفيذا لبرنامج الرباط "مدينة الأنوار.. عاصمة المغرب الثقافية"، حيث برز ، بشكل لافت ، في 2021 مجال التنقلات الحضرية لفك اختناقات مرورية شكلت نقطة سوداء في هذه المدينة.
ويأتي إنجاز الممر تحت أرضي الجديد على مستوى المدارة المتواجدة بتقاطع شارع الحسن الثاني وشارع العلويين، الذي دخل حيز الخدمة في 21 يونيو 2021، في مقدمة الأوراش التي كسبت الرهان في هذه السنة بالعاصمة.
ويتميز هذا المشروع بكونه أنجز في مدة زمنية قياسية لم تتجاوز ال45 يوما بعدما كان مقررا إنجازه على مدى شهرين بدءا من ثامن أكتوبر، بفضل خبرة مغربية محضة. وقد اعتبر ورشا مهيكلا ضخما لما يساعد على ضمان انسيابية في التنقل بين الرباط وسلا على مستوى هذا المقطع الطرقي.
وأكدت جماعة الرباط أن تسريع وتيرة الأشغال بهذا المشروع كان بفضل تظافر جهود مختلف المتدخلين، منهم على الخصوص وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق التي وفرت التمويلات اللازمة، وشركة الرباط للتهيئة المشرفة على الأشغال، وشركة التراموي الرباط-سلا.
وبضواحي الرباط، بزغ مشروع هيكلي مماثل بالهرهورة، ألا وهو الممر تحت أرضي الذي أنجز على طول 250 مترا بشارع مولاي عبد الله (طريق ساحلية).
ومكنت هذه البنية الجديدة التي دخلت الخدمة شهر ماي، وتقع عند تقاطع هذا الشارع مع شارع محمد السادس، من التخفيف من الضغط المروري الذي كان يسبب اختناقا على هذا المقطع.
وفي المجال ذاته، استكملت في بحر السنة الجارية أشغال تمديد الخط الثاني للتراموي بطول سبعة كلمترات إضافية بالعدوتين معا سيستفيد منه ، عند تشغيله ، 40 ألف راكب يوميا ينضافون إلى ال110 ألف شخص ممن يستعملون هذه الوسيلة في اليوم.
ويتعلق الأمر بتمديد الخط 2 للتراموي على مستوى الرباط على مسافة 4، 2 كلمتر انطلاقا من المحطة النهائية مولاي يوسف (بحي العكاري) في اتجاه حي يعقوب المنصور، بينما على صعيد سلا، تم تمديد هذا الخط على مسافة 6، 4 كلمتر انطلاقا من المحطة النهائية الحالية لشارع الحسن الثاني وصولا إلى مستشفى مولاي عيد الله.
من جهة أخرى، استكملت في سنة 2021 أشغال إنجاز المحطة الطرقية الجديدة التي كان أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 27 أكتوبر 2017، كمشروع مهيكل من شأنه المساهمة في تحسين صورة العاصمة الإدارية للمملكة وتعزيز جاذبيتها.
وتنجز المحطة ، المنتظر افتتاحها لاحقا ، في انسجام مع أهداف البرنامج المندمج "الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية"، على قطعة أرضية على مقربة من المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، وهي مصممة وفق هندسة معمارية حديثة تتيح تثمين الفضاءات، من أجل تدبير سلس لحركة المسافرين، حيث سيتم تزويدها بتجهيزات تستجيب للمعايير الدولية المعمول بها في مجال الأمن والسلامة وجودة الخدمات.
نفس الأمر ينطبق على القطاع الصحي الذي تعزز بالمستشفى الجهوي للرباط والذي بات جاهزا في أفق دخوله الخدمة قريبا.
وهذه البنية الجديدة التي تقع بحي العكاري المطل على كورنيش الرباط، أنجزت بغلاف مالي بناهز ال600 مليون درهم بطاقة استعابية تصل إلى 300 سرير.
وسيشمل الاختصاص الطبي لهذا المشروع، الطب الباطني والجراحة العامة والمستعجلات وطب الأطفال والعناية بالخُدّج وجراحة الأطفال والولادة، وأمراض النساء والإنعاش، وبأتي لتقوية التغطية الصحية على صعيد الجهة، وتخفيف الضغط على المستشفى الجامعي ابن سينا.
ونال الشق الثقافي نصيبه من الأوراش المفتوحة في 2021، حيث يتعلق الأمر بالمسرح الكبير للرباط بعد استكمال أشغال تهيئته الخارجية وبعثت رونقا خاصا على نهر أبي رقراق، علما أن هذه البنية تشمل قاعة كبيرة متعددة الاستعمالات تضم 1822 مقعدا، يمكنها احتضان مختلف أنواع العروض وقاعة أصغر تتسع ل127 مقعدا ومطعم ومتاجر ومقاهي ومكتبة. وهذا المشروع يتميز بتصميم هندسي فريد من إبداع المهندسة المعمارية الراحلة زاها حديد المعروفة بأعمالها الطلائعية.
وتطل على هذا المشروع معلمة بلغت مرحلة متقدمة من أشغالها الكبرى لا تخطئها العين، حيث يزيد برج محمد السادس من جمالية المشهد على نهر أبي رقراق من جهة سلا التي لن تتوقف بها أشغال تهيئة المدينة العتيقة.
إلا أن سلا تودع سنة 2021 وقد أنجزت ما لم تستطع تحقيقه منذ عقود طويلة، حيث يتعلق الأمر بالقضاء على "سهب القايد" التي كانت تشكل أكبر بؤرة صفيحية بالعدوتين.
ففيروس (كوفيد-19) الذي بلغ ذروته سنة 2021 وأدى إلى تجميد عدة أنشطة بالمملكة على غرار مختلف بلدان العالم، لم يحد من إنجاز المشاريع الكبرى المبرمجة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، التواقة إلى احتلال مواقع ريادية بين باقي جهات المملكة لما تتوفر عليه من مؤهلات متعددة مساعدة على ذلك.