وأوضح السيد قراقي، الذي حل اليوم الاثنين ضيفا على الفقرة الصباحية لإذاعة الأخبار المغربية (ريم راديو)، أن المغرب ليس دولة وليدة الاستقلال، كما هو شأن بعض الدول التي لم يكن لها وجود سابق لمرحلة الاستعمار، مبرزا أن المملكة "تجر وراءها عشرات القرون من التاريخ".
كما أشار إلى أن المغرب بنى تجربة متفردة على مستويات جعلته يبرز كقوة معترف بها على المستوى الدولي الإقليمي، مضيفا أنه "خلال العشرين سنة الأخيرة تحققت الكثير من المكتسبات، إذ أصبح للدولة موقع آخر مختلف عما كان عليه الأمر منذ بداية القرن العشرين إلى منتصفه".
وشدد الأستاذ الجامعي على أن المغرب يتوفر، في الوقت الراهن، على كافة مقومات الدولة القوية، وذلك بفضل موقعه الجغرافي "المميز"، الأمر الذي جعل منه ملتقى للحضارات، التي "صهرها وأخرجها في صورته الخاصة".
وبخصوص المنجزات الراهنة، قال السيد قراقي إن المكتسبات التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة تتجلى، أساسا، في التصالح مع الذات، على مستوى حقوق الانسان من خلال تجربة الانصاف والمصالحة، وكذا ترسيخ تعدد روافد الهوية في الدستور، فضلا عن المنجزات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، التي يتعين ترصيدها.
وعن الجانب الاقتصادي، أبرز الأكاديمي توفر المغرب على العديد من المقومات الاقتصادية، لا سيما الرأسمال البشري المتميز، والرؤية الاقتصادية الواضحة، التي تقوم على المزج بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب الأنموذج الاقتصادي الذي ينصب على محاربة بعض الظواهر الاجتماعية السلبية، ما جعله يتفوق على العديد من الدول التي تتوفر على ثروات باطنية هائلة.
وأكد، في هذا الصدد، أن التنمية الاقتصادية في المغرب "ليست غاية في حد ذاتها"، بل هي وسيلة لإحداث تأثير مضاعف على قطاعات حيوية أخرى، مشيرا إلى أن المغرب لم يظل حبيس الإطار الوطني، بل انفتح على الجوار الإقليمي، حيث أضحى المستثمر الأول في دول غرب إفريقيا، والثاني على مستوى القارة الإفريقية.
وفي معرض حديثه عن التجربة السياسية المغربية، تناول السيد قراقي التعددية السياسية باعتبارها خيارا "أصيلا"،حسم فيه المغرب غداة الاستقلال.
ومن ناحية أخرى، توقف الأستاذ الجامعي عند التقصير في تسويق النموذج المغربي بما له من خصوصيات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مسجلا أن نموذج "تمغرابيت" مرتبط ب"هوية منفتحة على العالم يتعايش داخلها الأشخاص وينصهرون فيها مع احتفاظهم بتفردهم".
وفي السياق ذاته، لاحظ أن توظيف الثقافة والإعلام وكافة وسائل الاتصال الحديثة في التسويق لهذا النموذج، الذي يعبر عن حمولة حضارية وثقافية متفردة، كفيل بتشكيل قوة ناعمة تعين المغرب على إيجاد موطئ قدم في المنتديات العالمية.
وعند تطرقه لخصائص وذهنية الشعب المغربي، عرج أستاذ العلوم السياسية على تضامن المغاربة مع كافة القضايا العادلة، مذكرا بأن أغلب حركات التحرر الإفريقية "وجدت في المغرب السند والدعم". وأوضح أن احتضان المغاربة للآخر غير مرتبط بظهور الدساتير، بل هو مكون أصيل في ذهنية الشعب المغربي.
واعتبر أن المغرب يتوفر اليوم على فرصة سانحة ليصير قوة في محيطه الإفريقي والعربي والمتوسطي، وذلك بفضل الرابطة الموجودة بين الدولة والمواطن، وتوفر البلاد على وثيقة النموذج التنموي الجديد، الذي "سيؤهلنا للثلاثين سنة المقبلة".
ودعا في ذات السياق إلى تعزيز الحرية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتوظيف التراكم التاريخي والسياسي والإنساني من أجل ترسيخ المكتسبات، مما يتيح الاندماج في كل التحولات العالمية.