لم تتوانى الدبلوماسية الأردنية هذه السنة في تكثيف مساعيها الحثيثة والجادة في اتجاه دفع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى سلام عادل وشامل يضمن للفلسطينيين كافة حقوقهم المشروعة على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمرجعيات المتفق عليها ، بما فيها مبادرة السلام العربية.
وقد أكد الأردن على ضرورة دعم جميع الجهود التي من شأنها كسر الجمود في العملية السلمية ، والدفع باتجاه مفاوضات مباشرة وجادة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
وسعيا إلى ذلك واصلت المملكة الأردنية جهودها واتصالاتها مع جميع الأطراف والقوى الدولية والإقليمية وبتنسيق وتشاور مع السلطة الفلسطينية من أجل الوصول إلى أفق حقيقي للعودة إلى طاولة المفاوضات ، لتهيئة الظروف التي تكفل تقدم هذه المفاوضات إلى أمام.
وفي هذا الصدد ، وانطلاقا من الدور الهام للأردن والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس ، استضافت المملكة خلال هذه السنة اجتماعا ضم إلى جانب وزير الخارجية الأردني وزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا ومبعوثة الاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط ، خصص لبحث تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل تفعيل الجهود لاستئناف المفاوضات بما يفضي إلى تحقيق حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد الاجتماع على أولوية إنهاء الجمود في مفاوضات السلام وإيجاد آفاق سياسية ، وإعادة الأمل عبر مفاوضات جادة وفاعلة على أساس القانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها بشكل مباشر بين طرفي الصراع أو تحت مظلة الأمم المتحدة ، بما في ذلك الرباعية الدولية لتحقيق هذا السلام .
وأكدت الدول المجتمعة مواصلة انخراطها الفاعل ومساعيها الحميدة وجهودها المستهدفة إيجاد الظروف اللازمة والملائمة لاستئناف مفاوضات جادة وتحقيق التقدم المطلوب نحو تحقيق السلام العادل والشامل الذي تستحقه شعوب المنطقة.
كما احتضنت العاصمة عمان أعمال الاجتماع الطارئ الـ 30 للاتحاد البرلماني العربي ، والذي أكد خلاله رؤساء وممثلو البرلمانات العربية أن معادلة السلام المنشود لن تكون إلا وفق مبدأ حل الدولتين.
عملية السلام بالشرق الأوسط كانت أيضا حاضرة وبقوة في معظم المباحثات الهاتفية ولقاءات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع العديد من قادة دول العالم وكذا خلال مشاركاته في لقاءات دولية عقدت هذه السنة عبر تقنية الفيديو جراء القيود التي فرضتها جائحة "كورونا "، والأمر نفسه أيضا بالنسبة لوزير الخارجية ، حيث كان الأردن يؤكد دائما على مركزية القضية الفلسطينية.
جهود الأردن ، لم تقتصر عند السعي إلى احياء عملية السلام بالشرق الأوسط ، فقد عملت الدبلوماسية الأردنية وعلى مدار السنة على تكثيف تحركاتها واتصالاتها الدولية من أجل حشد الدعم المالي والسياسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعاني هذه السنة من أزمة مالية خانقة زاد من حدتها وقف الدعم الأمريكي في يناير الماضي وتداعيات جائحة كوفيد 19 وكان من انعكاساتها اعلان الوكالة تأجيل جزئيا دفع رواتب 28 ألف موظف وموظفة ، بما يشمل العاملين في الرعاية الصحية والمعلمين ، وحاجتها ل70 مليون دولار لكي تتمكن من دفع الرواتب كاملة لشهري نونبر ودجنبر .
وفي هذا السياق ، ترأس الأردن الشهر الجاري اجتماعا تنسيقيا للدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين نظم عبر تقنية الفيديو وبحث التحديات التي تواجه الوكالة ، كما تم خلاله التأكيد على الرفض التام لقرار (الأونروا) بتجزئة دفع رواتب موظفيها لشهر نونبر ودجنبر ، وحث الدول والهيئات المانحة للوكالة بما فيها العربية على الوفاء بتعهداتها المالية للوكالة.
كما ترأس الأردن إلى جانب السويد هذه السنة عبر تقنية الفيديو ، الحوار الاستراتيجي الوزاري ، حول (الأونروا ) والذي يستهدف مناقشة الجهود المشتركة لدعم الوكالة الأممية وإيجاد طرق عملية تضمن مواجهة التحديات المالية التي تواجهها.
وخلال هذا اللقاء حذر الأردن من التبعات الإنسانية والسياسية والأمنية التي ستترتب على عدم قدرة الوكالة الإضطلاع بولايتها الأممية وتقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس حتى الوصول إلى حل عادل وشامل يعالج جميع قضايا الوضع النهائي ، ويحفظ حقوق الفلسطينيين ، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ، وفي مقدمتها القرار 194 ، وبما يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض.
ويرى محللون أن الدبلوماسية الأردنية اختارت الاشتباك السياسي بدل القطيعة مع الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وقادت جهودا دبلوماسية جبارة على الساحة الدولية لضمان المحافظة على الدعم الدولي لحل الدولتين وإنقاذ وكالة (أونروا ) من الإفلاس ، والمحافظة على مكانة القدس والوصاية الهاشمية على مقدساتها.
وبحسب هؤلاء المحللين فإن استراتيجية الأردن تقوم على الاستعداد المبكر لإطلاق زخم عملية السلام من جديد ، وحث إدارة الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدين على الانخراط في جهود السلام وإعادة الاعتبار لمبدأ حل الدولتين.